Philosophical theology

الــلاهــوت الــفلسفي هــو فــرع مــن فــروع الــلاهــوت الــذي يســتخدم الأســالــيب الــفلسفية لــلوصــول إلــى فــهم أوضـح لـلحقائق الإلـهية. و هـناك جـدل حـول الـحاجـة إلـى اسـتخدام كـل مـن الـلاهـوت والـفلسفة فـي بـحث الإنسان عن الحقيقة، أو حول ما إذا كان الوحي الإلهي وحده يمكن أو ينبغي إثباته. عـلى مـر الـقرون كـانـت هـناك نـظريـات مـختلفة حـول مـدى تطبيق الأنـظمة الـفلسفية عـلى المـبادئ الـلاهـوتـية، يــقول الــبعض أنــه يــجب أن يــكونــا مــنفصلين تــمامًــا وأنــه لا يــوجــد أي اتــصال بــينهما، ويــقول آخــرون أن الــفلسفة والمنطق ضــروريــان لــلوصــول إلــى الــفهم الــصحيح لــلوحــي الإلــهي، بــينما يتخــذ آخــرون مــوقــفا معتدلا ويقولون إن الفلسفة أداة مفيدة ولكن لا ينبغي الاعتماد عليها بشكل كامل. ظهـر الـلاهـوت الـفلسفي فـي الـقرنـين الـثامـن عشـر والـتاسـع عشـر عـندمـا هـاجـم مـفكرون مـن حـركـات الـتنويـر والتحـديـث والـوضـعية المـسيحية. أراد الـلاهـوتـيون إيـجاد طـريـقة لشـرح مـعتقداتـهم والـدفـاع عـنها، ووجـدوا أنــه يــمكن اســتخدام المــناهــج الــفلسفية لــلدفــاع عــن الــوحــي الإلــهي، لــم يــكن اســتخدام الــفلسفة لتحــليل الـلاهـوت وشـرحـه أمـراً جـديـدًا، عـلى سـبيل المـثال: اسـتخدم تـومـا الأكـويـني وأوغسـطينوس والـلاهـوتـيون الأوائـل أفـكار أرسـطو وسـقراط فـي كـتابـاتـهم لتحـليل وفـهم المـبادئ والمـفاهـيم الـكتابـية، ولا يـزال الـعديـد مـن المـدافـعين عـن الـديـن الـيوم يـلجأون إلـى الـحجج الـفلسفية، فـالأدلـة الـغائـية والـوجـوديـة عـلى وجـود الله، عـلى سبيل المثال، لها جذورها في اللاهوت الفلسفي. يـقول الـكتاب المـقدس أن فـحص الأمـور، أو الـبحث عـن حق أخـفاه الله، هـو أمـر مـجيد (أمـثال 25: 2). فـقد أعــطينا الــقدرة عــلى الــتفكير، ولا حــرج فــي دراســة الــفلسفة، وفــي الــوقــت نــفسه عــلينا أن نــكون حــذريــن. تـــنطوي دراســـة الـــفلسفة عـــلى الـــعديـــد مـــن المـــخاطـــر الـــروحـــية. ويحـــذرنـــا الله أن الإنـــسان يـــجب أن يـــكون َّدنِـسِ، وَمُـخَالَـفَاتِ الْـعِلْمِ الْـكَاذِبِ الاسِْـمِ" (تـيموثـاوس الأولـى 20 :6). لا يـمكن "مُـعْرضِـاً عَـنِ الْـكَلامَِ الْـباَطِـلِ الـ لـــلنظريـــات البشـــريـــة والتخـــمينات البشـــريـــة أن تـــضيف أي شـــيء إلـــى قـــيمة كـــلمة الله، الـــتي هـــي كـــافـــية " (تـيموثـاوس الـثانـية 3: 16-17). حـاول أيـوب وأصـدقـاؤه الـثلاثـة فـهم طـرق ِّل عَـمَلٍ صَـالـِحٍ لـتأهـيلنا "... لـِكُ الله بـاسـتخدام المنطق البشـري لـكنهم فشـلوا. وفـي الـنهايـة قـال لـهم الله أنـهم يـحجبون الإعـلان "بِـكَلامٍَ بِـلاَ مَعْرفِةٍَ" (أيوب 2 :38). ولا يـخفى عـلينا أن الـلاهـوت الـفلسفي أداة يـمكن أن تسـتخدم بـطريـقة صـحيحة أو خـاطـئة. المـهم هـنا هـو الـدافـع والأولـويـات: فـإذا حـاولـنا أن نـفهم طـرق الله وأفـكاره بـالإتـكال عـلى الـوسـائـل البشـريـة، سـوف يـخيب أمـــلنا. لـــقد حـــاول الإنـــسان أن يـــثبت قـــدرتـــه عـــلى الـــوصـــول إلـــى الله مـــنذ تـــشييد بـــرج بـــابـــل.  ولـــكن، إن إسـتخدمـنا عـقولـنا فـي دراسـة وفـهم كـلمة الله بـصورة أفـضل، وكـان الـدافـع وراءنـا هـو مـحبة الله والـرغـبة فـي مـعرفـته، فـإن دراسـتنا سـوف تؤتـي ثـمارهـا. يـمكن أن تـصبح الـفلسفة أداة لـفهم الـحقيقة بـشكل أفـضل. إن كـلمة الله المـوحـى بـها والمـعصومـة مـن الخـطأ لـها أعـلى وأعـظم مـعنى ومـكانـة. وكـل فـلسفة إنـسانـية يـجب أن تأتي بعد ذلك.  فالكتاب المقدس هو الذي يحكم على فلسفتنا، وليس العكس (أنظر عبرانيين 12 :4).
ربما يتساءل الكثير من الناس هل نحتاج إلى اللاهوت الفلسفي في الإيمان المسيحي أم لا؟ وبالطبع فإن الإيمان لا علاقة له باللاهوت من حيث مبدأ الإيمان، بل يحتاج إلى اللاهوت الفلسفي حتى يحمي نفسه من زيف التفسير غير الصحيح للكتاب المقدس، خاصة أنه في عصرنا هذا كثر عدد المعلمين الكذبة وزاد الذين اتخذوا من الإيمان المسيحي مصلحة نفعية تخدم مصالحهم الشخصية

كانت واللاهوت الفلسفي

يُعرف علم اللاهوت عند كانط بأنه علم معرفة الكائن الأسمى، ولا يتم تعريفه في شكل واحد، بل له عدة أقسام حسب الدور الذي يلعبه العقل في ذلك التقسيم. نجد في فلسفة كانط النقدية قسمين رئيسيين للاهوت: الأول مبني على العقل، والثاني مبني على الوحي الخارجي. وقد سمى القسم الأول بما أسماه: اللاهوت العقلاني، والثاني بما أسماه "اللاهوت التاريخي". وفي اللاهوت العقلاني نجد دورًا رئيسيًا للعقل فيه. وإذا كان تعامل العقل مع موضوعه بهذا القسم يأتي من خلال المفاهيم والتصورات، فإنه يسمى “علم اللاهوت النظري”. وفي هذا القسم يكون تعامل العقل مع موضوعه من خلال التجربة الحسية، وهو ما يسمى “اللاهوت الطبيعي”. أما القسمان الأخيران فيتناولهما العقل النظري، وإذا كان تعامل العقل مع موضوعه يأتي من خلال الحاجة الضرورية إلى قيام الأخلاق، فإنه يسمى «علم الأخلاق»، ويتناول القسم. وهذا الأخير يكون من خلال العقل العملي، والتقسيم الأخير -بحسب رؤية كانط - يعتبر الممثل الحقيقي للدين الحق. رفض كانط أدلة أقسام اللاهوت النظري واللاهوت الطبيعي التي حاولت إثبات وجود الله، بسبب التعامل مع تلك الأدلة من خلال العقل النظري المرتبط بالمعرفة النظرية، إذ لا يستطيع الأخير إثبات كل ما هو خارج نطاق النظرية. عالم الظواهر، بينما نجد أن العقل العملي استطاع أن يثبت ما عجز عنه العقل النظري من خلال الدليل الأخلاقي على وجود الله في مجال اللاهوت الأخلاقي. أما في ما يتعلق باللاهوت التاريخي، فقد كان رد فعل كانط عليه عنيفًا؛ لأن مصدره خارج نطاق العقل، وارتباطه بالحقائق التاريخية، واعتماده على منهج النقل والتقليد؛ مما أدى
.إلى تمزيق الدين الواحد إلى مذاهب مختلفة :من إثبات وجود الله إلى دين العقل في كتابه المبكر "الحجة الوحيدة الممكنة لدعم وجود الله" عام 1763م، حاول كانط تقديم ردود فلسفية عقلية تثبت وجود الخالق، في وقت اتسعت دائرة الاتجاهات الفلسفية الإلحادية الرافضة لوجود الله، والداعية إلى الانقلاب على الكنيسة والدين جملة وتفصيلاً، حيث أوضح كانط أن الله موجود بالضرورة، حيث إن المادة تحتوي على المبادئ التي تؤدي إلى كون منظم، لا بد أن يكون له كائن أسمى يحتضن في ذاته .كل ما يمكن أن يفكر فيه الإنسان، مما هو ممكن أو حقيقي بعد مرور 30 عامًا على صدور هذا الكتاب، اتسعت فيها مطالعات كانط على ما قدمه الفلاسفة السابقون له والمعاصرون من كافة الاتجاهات، وترسخت فيه تصوراته الفلسفية، أصدر كتابه "الدين في حدود مجرد العقل"، ليقدم لنا رؤيته الجديدة للدين والإيمان، التي تعتبر في ضوء أصول العقيدة كفرًا وإلحادًا، بينما يعتبرها الليبراليون واللائكيون رؤية متقدمة لمعالجة إشكالية الدين في الدولة والمجتمع أولاً: في العقل والدين والإيمان والأخلاق يرى كانط أن كلا من العقل والدين يدوران حول "مركز واحد"، وأن على الفيلسوف أن يكشف النقاب عن هذا المركز، ولكنّ ذلك لا يتسنّى إلاّ لمن قبل بفرضية وجود "دين عقلي مجرد" واعتباره هو الدّين الأصيل، لأنه "دين العقل المجرد، وليس دين شعب دون آخر، بل هو دين الطبيعة الإنسانية أو الدين الذي يليق ليس فقط بالجنس البشري بل بالكائنات العاقلة عامّة. ويعتبر أن الدين الذي يعلن الحرب على العقل من دون تفكير في العواقب، لن يتمكّن من الصّمود طويلاً أمامه. والطبيعة الإنسانيّة عند كانط هي الأساس الذاتي لاستعمال حريته عامّة، فالإنسان عنده ليس خيّرًا أو شريرًا بطبعه، وإنما استعماله للحرية هو الذي يجعل منه ذلك عندما يقبل بمسلمات حسنة أو مسلمات سيئة، وبالتالي فهو المسؤول وحده عن خيره وشرّه. وهو يعني بالإنسان الجنس البشري برمته

آراء الفلاسفة اللاهوتيين

..................

توما الأكويني

حياته

بين العصور القديمة والحداثة يقف توما الأكويني (حوالي 1225-1274). أعظم شخصية في أوروبا في القرن الثالث عشر في اثنين من العلوم البارزة في ذلك العصر، ( الفلسفة واللاهوت )، وهو يجسد المنهج الدراسي للجامعات التي تأسست حديثا. يستوحي الأكويني الإلهام من العصور القديمة، وخاصة أرسطو، ويبني شيئًا جديدًا تمامًا، من خلال عدسة لاهوتية، غالبًا ما يُنظر إلى الأكويني على أنه فيلسوف وأنه قمة التقليد المسيحي الذي يعود تاريخه إلى أوغسطين والكنيسة الأولى، وهو شخصية أساسية في الفكر الحديث، أدت جهوده في إعادة صياغة منهجية للأرسطو في الفلسفة الغربية. ولد توما الأكويني حوالي عام 1225 بالقرب من أكينو، ـ في منتصف الطريق بين روما ونابولي. ينحدر من عائلة ثرية تمتلك قلعة كبيرة في روكاسيكا. عندما كان مراهقًا في نابولي، وقع تحت تأثير الدومينيكان، وهي جماعة كهنة تأسست حديثًا ومخصصة للوعظ والتعليم. في التاسعة عشرة، انضم إلى النظام وأُرسل إلى باريس لمزيد من الدراسات، لكن خططه تأخرت بسبب تعنت والديه، اللذين كانا يأملان أن يلعب دورًا قياديًا في دير مونتي كاسينو المحلي الموقر، حيث درس عندما كان طفلاً. بعد سجنه في روكاسيكا لمدة عام، رضخ والديه وذهب توماس إلى باريس كراهب دومينيكاني

قضى توماس ثلاث سنوات في باريس يدرس الفلسفة، ثم أُرسل إلى كولونيا عام 1248 تحت إشراف ألبرت الكبير. أثبت هذا الدومينيكان الأكبر سنًا أنه المرشد المثالي. كان ألبرت في ذلك الوقت الشخصية الرائدة في البرنامج البارز حديثًا لدمج اللاهوت المسيحي مع الفلسفة اليونانية والعربية. كان يمتلك فهمًا موسوعيًا لعلوم ذلك العصر، والذي كان يتوسع بسرعة مذهلة بفضل التوفر الجديد لمجموعة أرسطو في الترجمة اللاتينية. لقد كانت قناعة ألبرت الراسخة، والتي أصبحت قناعة الأكويني، أن الإيمان المسيحي لا يمكن أن يستفيد إلا من الارتباط العميق بالفلسفة والعلم

من الواضح أن توماس ازدهر في تأثير ألبرت، لأنه عندما طلب من ألبرت عام 1252 أن يوصي طالبا للدراسة المتقدمة في علم اللاهوت في جامعة باريس، اختار توماس، على الرغم من أن الأخير كان لا يزال أصغر بسنتين من الحد الأدنى للعمر المطلوب بعد أربع سنوات من حصوله على بكالوريوس في اللاهوت، ألقى خلالها محاضرات عن الكتاب المقدس، حصل توماس على الدكتوراه وتم تعيينه على الفور أستاذا في اللاهوت، مرة أخرى في سن مبكرة مما يسمح به النظام الأساسي رسميا، من عام 1256 إلى عام 1259، شغل منصب كرسي اللاهوت الدومينيكي في باريس، حيث ألقى خطبا، وحاضر في الكتاب المقدس، وترأس العديد من المناقشات الفلسفية واللاهوتية.
على الرغم من أن بعض أساتذة جامعة باريس قاموا بالتدريس هناك لعقود من الزمن، إلا أنه كان من عادة النظام الدومينيكي (وكذلك الفرنسيسكان) تناوب العلماء بين هذه المناصب، وبناء على ذلك، في عام 1259، أعيد توما الأكويني إلى إيطاليا، حيث أمضى معظم العقد التالي في العديد من دور الدراسة الدومينيكية، أولا في أورفيتو (في أومبريا) ثم في روما. وخلال هذه السنوات، استمر في الوعظ وإلقاء المحاضرات عن الكتاب المقدس وعقد المناقشات الأكاديمية، ولكنه وجد أيضا الوقت لكتابة أهم أعماله، الخلاصة ضد الأمم والخلاصة اللاهوتية

مفهوم الله

يعتقد الأكويني أن العقل الطبيعي يمكن أن يثبت وجود الله بشكل واضح. الخطوة الأولى هي إظهار أنه لكل شيء في العالم المتغير من حولنا، هناك سبب أول، أو محرك رئيسي، وبموجبه يكون لكل الأشياء الأخرى وجودها، وحركتها، وصفاتها، واتجاهها. هذه هي النتيجة التي حصل عليها في كتابه „الطرق الخمس“ الذي نوقش كثيرًا لإثبات وجود الله. ينكر الأكويني أن حجة أنسيلم الوجودية لها أي قوة كدليل. وبدلاً من ذلك، فإن الطرق الثلاث الأولى هي حجج كونية، مبنية على استحالة وجود سلسلة لا حصر لها من الأسباب. يتفق المعلقون عمومًا على أن ما يريد الأكويني استبعاده هو سلسلة لا حصر لها من الأسباب المتزامنة، وهي سلسلة „عمودية“ بدلاً من سلسلة لا حصر لها من الأسباب „الأفقية“ تعود بالزمن إلى الوراء، والتي لا يعتقد أنه يمكن إثبات استحالتها. تنتهي كل واحدة من الحجج الخمس الموجزة بصيغة مختلفة: „هذا ما يدعوه الجميع الله“. وهو يضع ادعائه بحذر في هذه المرحلة، لأن إثبات وجود المحرك الرئيسي لا يرقى إلى إثبات وجود كائن يستحق أن يُدعى الله. على الرغم من كل ما رأيناه حتى الآن، على سبيل المثال، قد يكون هذا السبب الأول في حد ذاته جسدًا. لكن الأكويني يعتقد أن العقل الطبيعي – ما نسميه الآن اللاهوت الطبيعي – يمكن أن يذهب إلى ما هو أبعد من الطرق الخمس. يستمر في إثبات أن هذا السبب الأول ليس جسمًا، ولا مركبًا بأي شكل من الأشكال، وبالتالي فهو بسيط تمامًا، وكامل من جميع النواحي، والخير الأعلى، ولانهائي. ، كلي الوجود، غير قابل للتغيير تمامًا، أبدي، واحد مطلق، ويمتلك المعرفة الأكثر كمالًا. تثبت هذه النتائج وجود شيء يستحق أن يُسمى الله. (حول لاهوت الأكويني الطبيعي بشكل عام، انظر Kretzmann 1997; Wippel 2000 chs. 10–13; Stump 2003 pt. I. حول الطرق الخمس، انظر Kenny 1969; MacDonald 1991a; Martin 1997; Pawl 2012; Cohoe 2013).

إن نجاحات اللاهوت الطبيعي، بالنسبة للأكويني، لها حدودها. لأنه على الرغم من أن العقل الطبيعي يمكن أن يثبت وجود كائن كامل، إلا أنه غير قادر على إثبات العديد من السمات التي تميز الإله المسيحي، مثل طبيعة الله الثالوثية وتجسد الله كإنسان. هذا هو المكان الذي تفشل فيه الفلسفة وحدها، دون مساعدة من الوحي، في إنتاج لاهوت مناسب. بما أن الهدف النهائي لحياة الإنسان، أي الخلاص في الحياة القادمة، يتطلب بعض الفهم لهذه الحقائق المسيحية، “كان من الضروري من أجل خلاص الإنسان أن يتم تعريفنا ببعض الحقائق التي تتجاوز العقل البشري من خلال الوحي الإلهي”. علاوة على ذلك، فإن دراسة اللاهوت الموحى به مهمة، ليس فقط فيما يتعلق بما يسمى أسرار الإيمان، ولكن أيضًا في الحالات التي تكون فيها نتائج العقل الطبيعي محفوفة بالمخاطر بحيث لا يمكن الاعتماد عليها. وبدون الوصول المباشر من خلال الوحي، „لن تكون الحقيقة عن الله، التي تم فحصها بالعقل، متاحة إلا لعدد قليل من الناس، بعد فترة طويلة، ومع مزيج من العديد من الأخطاء.“ وبناء على ذلك، „إلى جانب التخصصات الفلسفية التي يدرسها العقل البشري، كان من الضروري أن يكون هناك تعليم مقدس من خلال الوحي“. وهذا التعليم المقدس هو عمل اللاهوت، وفي رأيي الشخصي، هو الاهوت الفلسفي والعمل بالايمان

الروح والجسد في فكر الأكويني
بالنسبة للكائنات الحية، شكلها الجوهري هو روحها (الأنيما). في قوله هذا، لا ينبغي أن يُفهم من الأكويني أنه ينسب نوعًا خاصًا من الروحانية إلى النباتات والحيوانات: فهو يعتقد أنها أشياء مادية تمامًا مثل الصخور والجداول. بل إنه يسير على خطى أرسطو في كتابه “الروح” في التعامل مع الروح باعتبارها المبدأ الأول للحياة، مهما كان ذلك. بما أن الأكويني يعتقد أن التفسير الداخلي الأساسي لوجود أي مادة هو شكلها الجوهري، فإنه يترتب على ذلك أن كل مادة حية لها روح هي شكلها الجوهري

كما هو الحال مع أي شكل جوهري، فإن الوظيفة الأساسية للروح هي تفسير طبيعة المادة كنوع معين من الأشياء، يمتلك الوحدة والمثابرة التي تميز المواد. هذا الدور المحقق هو ما يسميه الأكويني جوهر الروح. كما أن استمرار وجود الكائنات الحية يتطلب منها القيام بعمليات مميزة: تناول الغذاء والتكاثر، والحركة والإدراك (في حالة الحيوانات)، والتفكير (في حالة الإنسان) ـ ويقابل هذه العمليات قوى الروح. لقد حير مؤلفوا العصور الوسطى لفترة طويلة بشأن العلاقة بين الروح وقواها، ولذلك يتخذ الأكويني موقفًا قويًا سيكون موضوعًا لنزاع لاحق: أن قوى الروح، كونها إمكانات، تختلف حقًا عن جوهر الروح، الذي هو واقع، ومع ذلك، على الرغم من إصرار الأكويني على التمييز بين الروح وقواها، فإنه يرفض وجهة النظر الشائعة في العصور الوسطى بأن الكائنات الحية لها أرواح متعددة أو أشكال جوهرية متعددة. وبسبب التزامه بالوحدة المطلقة للمادة، فهو يعتقد أنه لا يمكن اعتبار أي شيء مادة إلا إذا امتلك شكلاً جوهريًا فريدًا يوفر الوحدة، في وقت ما وعلى مر الزمن، للمادة ككل

يتم إنتاج شيء واحد أبسط من العديد من الأشياء الموجودة بالفعل فقط إذا كان هناك شيء يوحدها ويربطها ببعضها البعض بطريقة ما. بهذه الطريقة، إذا كان سقراط حيوانًا وكان عقلانيًا بفضل اختلاف الأشكال، فإن هذين الاثنين، لكي يكونا متحدين بشكل مبسط، سيحتاجان إلى شيء يجعلهما واحدًا. ولذلك، بما أنه لا يوجد شيء متاح للقيام بذلك، فإن النتيجة ستكون أن الإنسان ليس سوى شيء واحد فقط كمجموع، مثل الكومة. (البحث عن النفس 11ج؛ أيضًا ST 1a 76.3–4، البحث عن المخلوقات الروحية 3)
وقد أدت مثل هذه التصريحات إلى توليد نزاع طويل بين أولئك الذين فضلوا هذا النوع من النهج „التوحيدي“ وأولئك الذين اتخذوا هذا أو ذاك الموقف „التعددي“. جادل التعدديون بأن الكائنات الحية تحتوي على شكل جوهري واحد لجسدها (شكلها الجسدي، الشكل الجسدي) وعلى الأقل شكل واحد متميز آخر، هو روحها، التي بفضلها تتمتع بالحياة (Adams 1987 ch. 15; Cross 1998 ch. 4؛ باسناو 2011 الفصل 25). وكانت الحجة الرئيسية لصالح التعددية هي أنها توضح كيف يمكن لجسد الكائن الحي أن يستمر بعد رحيل روح الكائن الحي عند الموت. ادعى الأكويني وغيره من الموحدين أن مثل هذا الإصرار كان ظاهريًا فقط، وأن الشيء الوحيد الذي يستمر من خلال فساد المادة، بالمعنى الدقيق للكلمة، هو المادة الأولية

نظرًا للارتباط الوثيق الذي يصفه الأكويني بين الشكل والمادة، فمن الصعب وصف نظريته عن النفوس بشكل عام بأنها ثنائية. من المؤكد، إلى حد ما، أن المواد المادية هي مركب من شكل جوهري والمادة الأولية (مع وجود حوادث خارجية، إذا جاز التعبير، تتحد فقط مع المادة عن طريق الصدفة). ومع ذلك، يبذل الأكويني جهدًا للتأكيد على أن المادة ككل هي التي توجد بشكل صحيح. وهو قطعاً لا يعتقد أن المواد المادية مركبة من صورة وجسم، إذ المادة هي الجسم. إن إطاره التوحيدي يجعل من غير المتماسك الحديث عن جسد كائن حي (أو أي مادة) كشيء مختلف عن تلك المادة

لكن الوضع أكثر تعقيدا عندما نركز على الحالة الإنسانية. إذا كان صاحب الثنائية هو شخص يعتقد أن البشر يتكونون من جسد مادي وعقل روحي غير مادي، فمن الواضح أن الأكويني مؤهل، حتى لو عمل بجد للحصول على نتيجة مفادها أن هذين الجانبين من الطبيعة البشرية متحدان في مادة واحدة. (بازان 1997؛ كليما 1997 [2002]؛ ستامب 2003 الفصل 6). على الرغم من أن الدور الأساسي للنفس البشرية هو تحقيق الجسد البشري، إلا أن النفس البشرية لديها قوة – عقلها – تعمل بشكل مستقل عن الجسد. لدى الأكويني مجموعة متنوعة من الحجج التي تمت مناقشتها كثيرًا والتي تهدف إلى إظهار أن الفكر البشري، نظرًا لنطاقه العالمي ومحتواه المجرد، لا يمكن تنفيذه من خلال الدماغ أو أي أداة جسدية أخرى (ST 1a 75.2، 75.5؛ Quest. on the Soul 2؛ Klima) 2001؛ وود 2020). ونتيجة لذلك، تتمتع النفس البشرية بمكانة فريدة ومحيرة: فهي شكل جسد و“مبدأ غير مادي وقائم“ (ST 1a 75.2c). من هنا، يجادل الأكويني أيضًا بأن النفس البشرية غير قابلة للفساد (ST 1a 75.6، Quest. on the Soul 14). فإن الأشياء الثابتة العادية – أي الجواهر المادية – تأتي وتختفي بشكل روتيني مع فساد أجسادها، فالوجود القائم الذي ليس بجسم ليس له أساس طبيعي مع زواله عن الوجود. ومن ثم، بمجرد أن يخلق الله نفسًا بشرية (بالتنسيق مع العملية البيولوجية للتكاثر الجنسي)، فإن تلك النفس موجودة إلى الأبد

…..

….

….

 

….

..

أوغسطينوس واللاهوت الفلسفي

......... ......

رينيه ديكارت

امانويل كانت

باروخ سبينوزا

هيغل واللاهوت

سورين كيركغور

غريغوريوس النزينزي

الفكر اللاهوتي عند بولس الرسول

القديس بولس

الفكر اللاهوتي في رسائل بولس الرسول


القديس بولس الرسول

القديس بولس: اسمه أيضاً شاول الطرسوسي، وكان رسولاً مسيحياً، ويعتبر عموماً من أهم شخصيات العصر الرسولي، لأنه كان له إنجازات عظيمة في العهد الجديد. وفي منتصف الثلاثينيات إلى منتصف الخمسينيات الميلادية، أسس العديد من الكنائس في آسيا الصغرى وأوروبا

ونأمل أن لا يخطر على بال القارئ أن الرسول بولس أضاف إلى المسيحية شيئًا جديدًا أو أنه هو الذي أسس نظم الكنيسة والعمل المسيحية للأمم، وإينما جاء شرحه مسهبًا جامعًا لتعاليم المسيح، يكشف لنا الدور الأساسي للإيمان المسيحي في كتابنا المقدس

الولادة حوالي ٥ م  طرطوس، الوفاة ما بين ٦٤م و ٦٧ م

الأسم  والعائلة: بولس رسول الأمم العظيم، كان اسمه العبري شاول أي (مطلوب) وتسمى بهذا الاسم في سفر الأعمال إلى أع13: 9 حيث قيل (أَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضاً) ومن ذلك الوقت إلى آخر سفر الأعمال دعي بولس ومعناه (الصغير)، وظن البعض أنه أخذ الاسم من (سرجيوس بولس) والى قبرص وهذا مستبعد جدًا، ولكن الرأي السائد وهو الصواب هو  أن شاول كان له اسم آخر معروف به عند الأمم، هو بولس ، وقد ذكر اسمان لبعض اليهود ـ راجع المصادر المشار عليها (أع1: 23، 12: 12 وكو4: 11)

فضلًا عن رسائل بولس السبعة، والتي بلا منازع هي أفضل صورة لدينا للاهوتي الذي أثر بعمق على الحركة السيوعية المبكرة، ومن خلال رسائله نشهد صقل فكر بولس في بوتقة الصراع الناري، بل نعتبرها من جهة أُخرى وثائق تؤرخ لنا عن ما هية الضغط الجسدي والنفسي الذي عانى منه بولس، والمخاطر التي واجهها، والأسئلة الملحة التي سمعها، والتحديات التي واجهها أثناء دفاعه عن إنجيل نهاية العالم الراديكالي لغير اليهود

في هذا المقال سنركز بحثنا على حياة الرسول بولس، وفكره اللاهوتي الفلسفي، ومدى تأثير رسائله على الفكر المسيحي، من خلال الكتاب المقدس والمصادر الكثيرة التي نستخدمها لفهم تأريخ شخصية الرسول بولس

خادم يسوع المسيح ،  حسين النواب ماجستير فلسفة

يوحنا المعمدان

يوحنا المعمدان هو النبي الذي ولد لكاهن يدعى زكريا وزوجته إليزابيث: فَقالَ لَهُ المَلاكُ: "لا تَخَفْ يا زَكَرِيّا. لَقَدْ سَمِعَ اللهُ صَلاتَكَ. وَسَتَلِدُ لَكَ زَوجَتُكَ ألِيصاباتُ ابناً، فَسَمِّهِ يُوحَنّا" (أنظر إنجيل لوقا ١: ١٣)

......

Warenkorb
  • Dein Warenkorb ist leer.